أين ومتى؟
ما هو أوّل حدث تاريخيّ يتبادر إلى ذهنك؟
هل هو حدث في المنطقة التي تأتين منها؟ هل تعلّمت عنه في المدرسة أو سمعت عنه في المنزل؟ هل كُتب شيء ما عن هذا الحدث، هل تمّ سرده، هل تمّ الغناء عنه؟
يُقال إنّ هيرودوت اليونانيّ هو "أبو المؤرّخين". مهنة هيرودوت الأولى كانت راوي، ثمّ كتب كتابًا يصف رحلاته في آسيا وأوروبا. سُمِّي كتابه الأوّل "التاريخ"، أي التحقيقات باللغة اليونانيّة. في ذلك الوقت، لم تزل هناك أنواع مختلفة من التاريخ، أمّا اليوم فهناك تاريخ واحد فقط.
لهيرودوت لقب آخر وهو "أبو الكذّابين". من الصعب التصديق أنّه كان حقًّا في جميع الأماكن التي يدّعي أنّه كان فيها، وأنّه رأى كل الأشياء التي يزعم أنّه رآها. ولكن، أين يقع الخطّ الفاصل بين الرواية والكذبة؟ متى تصبح الرواية تاريخًا؟ ومتى تكون كذبة؟ فعندما نحكي عن رواية وقعت فعلًا – لا تبدو الرواية دائمًا أنّها نفس الرواية، خاصّةً إذا حدثت هذه الرواية منذ وقت طويل، وإذا رُوِيت عدّة مرّات.
ماذا نذكر بشكلٍ أفضل – الرواية، أم ما تمّ سرده فيها؟
انظري حولك – هناك روايات التي ترويها الأشياء عن نفسها، وهناك روايات يرويها الآخرون عنها. كتب هيرودوت أيضًا في كتابه "التاريخ": "من واجبي أن أروي ما يقوله الآخرون، لكن ليس من واجبي أن أصدّق كل ما يقولونه".